"براءة" لـ أمل دنقل

نظم أمل دنقل (1940 - 1983) هذه الأبيات قبل وفاته بتسع سنوات ليضمّها، إلى جانب قصائد أخرى لا تقلّ روعة عن "براءة"، إلى ديوانه "موت القمر" (1974). أمل دنقل، شاعر مصري مرموق، حفر إسمه في ذاكرة الشعر العربي بقصائده الثورية المثقلة بالألم الداخلي والحزن. في آخر أيام حياته صارع دنقل مرض السرطان بشِعره، وذلك يتجلى في ديوانه "أوراق الغرفة 8" الذي عبّر فيه بوضوح عن معاناته مع المرض، قبل أن يردي به هذا الأخير ميّتاً عن عمر لا يتجاوز الثالثة والأربعين.

"براءة"
أحس حيال عينيك
بشىء داخلى يبكى
أحس خطيئه الماضى تعّرت بين كفيك
وعنقوداً من التفاح فى عينين خضراويين
أأنسى رحله الآثام فى عينين فردوسين؟
وحتى أين؟
تعذبنى خطيئاتي .. بعيداً عن مواعيدك
وتحرقنى اشتهاءاتي قريباً من عناقيدك!
وفى صدري
صبي أحمر الأظفار و الماضي

يخطط فى تراب الروح
فى أنقاض أنقاضي
وأنظر نحو عينيك
فترعشني طهارة حبْ
وتغرقنى اختلاجه هدبْ
وألمح – من خلال الموج – وجه الربْ

يؤنبني

على نيران انفاسي يقلبني

وأطرق…
والصراع المرُّ فى جوفي يعذبني !!
…….
أحدق فى خطوط الصيف فى شفتيك
يعوى داخلى الحرمان
(لهيب آدمى الشوق ، مصباحان يرتعشان)
وأهرب نحو عنيك 
يطالعني الندى والله والغفران !
وأسقط بين نهديك

لتحترق الرؤى

وأغرق فيهما بالنار والشك

فتشوى رغبتي شياً

وأغمض عنك عينيا
وأسند رأسي الملفوح فى صدرك
فقد تترمدّ الأفكار فى جمرك
وأحرق جنة المأوى

……
فيا ذات العيون الخضرّ
دعي عينيك مغمضتين فوق السرّ

…لأصبح حرّ !!!

هل تريد التعليق على التدوينة ؟