"الصياد" لـ ليوهان ڤولفغانغ فون غوته

في وقت مضى كنت أقتصر فقط على الترجمة الشفوية، عندما يتعلّق الأمر بقصائد غوته أو شيلر،  كنوع من الموازنة بين وقع الأبيات باللغة الألمانية وما ستؤول إليه هذه الأبيات إذا ما تُرجمت. لم أفكّر في ترجمة قصيدة ألمانية ما فعلياً إلا حينما وقعت هذه القصيدة صدفةً بين يديّ. صحيح أن القصيدة تفقد موسيقيتها وشاعريتها اللّتين تميّزانها عن النثر، لكن حاولت جاهداً أن أترك في أبياتها بعضاً من الموسيقى دون أن أعبث بالمعنى المقصود.

"الصياد" هي عبارة عن بالاد ألمانية؛ والبالاد هي قصيدة صغيرة تحكي قصة ما لغرض تلحينها وانشادها. قد نظم الشاعر الألماني العظيم "يوهان ڤولفغانغ فون غُوتهْ" هذه الأبيات سنة 1779 بمدينة فايمار. حينئذٍ كان قد مضى على تسلمه منصبيّ موظف إداري ورجل سياسة أربع سنوات، مما سبب له أزمة ضيق وقت. لكن بالرغم من ذلك تمكن من كتابة قصائد عديدة خلال هذه الفترة، من بينها "الصياد".

الصياد:

أسمَعَ الماءُ خريرَهُ، دُهقَ الماءُ. 
جلس صيّادُ بالجوارِ.
نظر إلى الصنّارة في هدوءٍ،
أُثلِج قلبُه.
في غضون جلوسه وإصغائه،
ينفلق السيل من أسفل إلى أعلى.
من الماء الغَورِ يُسمَع
هديرُ أنثى مبلولة.

أنشَدت له، تكلّمت إليه:
ما الذي تستهوي، يا وَبَشِي،
بالعَرَق البشري والمَكْر البشري
ليصعد إلى وَهَجِ الفناءْ؟
لو علِمت كيف تتراءى الأسماكُ الصغيرة،
بالبهاء كلِّه، على سطحِ الماءْ،
لنزلتَ إلى الأسفل، على هيأتك،
ولصِرتَ حينئذٍ معافى.

أَمَا تُنعِش الشّمس العزيزة نفسها،
ولا القمرُ في البحرِ نفسه؟
أما يعود وجهها -المتنفِّسُ في أحضان الموج-
أجملَ ضعفين؟
أما تستهويك السماء السّحيقة،
ولا الزُّرقة المتجليةُ في الرطوبة؟
أما يستهويكَ وجهُكَ
إلى النّدى الأبدي؟

أَسمعَ الماءُ خريرَهُ، دُهِقَ الماء،
بلَّلَ قدمَه الحافية،
أخذَ قلبُهُ، بتلهّفٍ، يتنامى
كما في التحيّة الغالية.
تكلّمت إليه، أنشدت له،
لقد هلكَ لا محالة:
تسحبهُ تارةً ويرسب في الماء تارةً،
حتى اختفى عن الأنظار.

*يوهان ڤولفغانغ فون غوته


البالاد باللغة الألمانية: هنا

هل تريد التعليق على التدوينة ؟